هيومن فويس
حجم استهلاك الكحول في إيران
بالرغم من أن إيران تحتل المرتبة 166 من حيث عدد من يحتسون الكحول مقارنة ببقية دول العالم، ولكنها في المرتبة التاسعة عشرة من حيث معدلات الشرب التي تبلغ 25 لتراً في العام لمن يتناولونها، وفق أحدث الأرقام المنشورة في إيران، نقلاً عن تقرير الحالة العالمي عن الكحول والصحة الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية في عام 2015، بينما قال مساعد وزير الصحة علي أكبر سياري إن 420 مليون لتر من الكحول تستهلك سنوياً في إيران، بحسب ما نقلت عنه وكالة فارس الإخبارية، في يوليو/ تموز من عام 2015، وتابع سياري أنه “إذا ما اعتبرنا أن عدد مدمني الكحول في إيران يقارب 130 ألف شخص، فإن معدل استهلاك كل فرد منهم يبلغ 8.8 لترات في العام”.
تعرّض 135 شخصاً للتسمم بسبب الكحول المصنع محلياً العام الماضي وحده، ومنهم من توفوا، كما يقول الاختصاصي زاده، نقلاً عن مؤسسة الطب الجنائي، وتتراوح نسب المواد الكيميائية الكحولية المضافة إلى الكحول المحلية ما بين 10% و50%، فيما يتم تهريب مشروبات كحولية مصنعة خارجياً إلى البلاد، لكن أسعارها عالية جداً، ويحتفظ تجار بزجاجات الأنواع المستوردة ويعبئونها يدوياً بمشروبات لا تُراعي أي معايير صحية ويبيعونها باعتبارها مستوردة، كما أن بعضهم يبيع بعضها في أكياس بلاستيكية بأسعار أقل، وفقاً لزاده.
ويتوفى مائة شخص سنوياً في إيران بسبب الكحول، غالبيتهم أقل من 35 عاماً، إذ يتوفى شخصان أسبوعياً بسبب الكحول، فضلاً عن تسمم عديدين، وفقاً لمؤسسة الطب الجنائي التي نقلت عنها مجلة سلامت الأسبوعية، الصحية الاجتماعية، “أنه لا يمكن الحديث عن أرقام دقيقة، والسبب أن عدداً من حالات التسمم لا تراجع المراكز الطبية”.
وبحسب المصدر ذاته فإن المشروبات الكحولية المصنعة محلياً قضت على حياة 34 شخصاً، بينهم ثلاث سيدات، في الفترة من مارس/ آذار حتى يونيو/ حزيران من عام 2016.
إجراءات لمواجهة الظاهرة
في عام 2014 أسست وزارة الصحة الإيرانية عيادة حكومية كبرى سمتها عيادة ترك الإدمان، في المركز الوطني للدراسات المرتبطة بالإدمان في كلية الطب في جامعة طهران، وجعلت مدمني الكحول ضمن مجالات عملها، التي تقوم بتقديم خدمات استشارية فردية وعائلية.
وتتعاطى المؤسسات الرسمية مع الإدمان بشقيه؛ الكحول والمخدرات، وتتوفر في كل مراكز مكافحة المخدرات الخاصة والحكومية خدمات لمعالجة متعاطي الكحول، بحسب ما قال رئيس مكتب الوقاية ومعالجة الإدمان في مؤسسة الرعاية الاجتماعية الحكومية الدكتور محسن روشن بجوه، الذي أضاف في إفادته لـ”العربي الجديد” أن خطط التعاطي مع هؤلاء هي ذاتها المتبعة والمعتمدة دولياً، قائلاً إنه “صحيح أن شرب الكحول ممنوع قانوناً في إيران، لكن على المؤسسات الصحية التعاطي بسواسية مع جميع المتضررين”.
وذكر أن مؤسسة مكافحة المخدرات هي المسؤولة رسمياً عن حالات الإدمان ومراكزه، لكن في ما يتعلق بالكحول لا يوجد ما هو مذكور رسمياً في مواثيقها، بالتالي أخذت وزارة الداخلية الأمر على عاتقها وافتتحت أول مركز لمعالجة مدمني الكحول سابقاً، وأقرّت خططاً مستقبلية علها توقف حالات التسمم، ودوّن المركز قانون التحكّم بانتشار الكحول في إيران، وتقوم الداخلية، بالتعاون مع مؤسسة الرعاية الاجتماعية، بهذه المهمة في الوقت الراهن.
وعن قلة عدد المراكز المخصصة للكحول، أشار روشن بجوه إلى إمكانية لجوء الأفراد لمراكز العلاج، حتى وإن كانت تحت عنوان مكافحة المخدرات، وعددها سبعة آلاف، فقد تم دمج مهامها معاً، لكنه أكد أنه يتم التحضير حالياً لافتتاح عدد أكبر من المراكز التخصصية وتجهيز كوادر للتعامل مع الحالات التي تتعرّض لخطر الكحول وتدمن على تناول المشروبات، لافتاً إلى أن الدراسات تجرى حالياً بشكل أكبر على متعاطي المخدرات كونها ظاهرة أكثر شيوعاً، مشدّداً على ضرورة التركيز أكثر على خطر الكحول في المرحلة المقبلة.
ورأى روشن بجوه أن هناك صعوبة في إجراء دراسات دقيقة، كونه لا توجد محال علنية، ويمنع استيراد المشروبات الكحولية وبيعها، الأمر الذي لا يمكن من التعرف إلى الكميات المستهلكة وأنواعها بدقة، قائلاً “في كل الأحوال يجب التعامل مع مخاطر الموضوع بطبيعة الحال ومحاولة الحد منها”.
العقوبات
تتكرر بين الفينة والأخرى أخبار تنشرها الوكالات الرسمية، نقلاً عن جهاز الشرطة، مفادها إلقاء القبض على تجار يبيعون المشروبات الكحولية أو مصادرة بضائع من شاحنات في مناطق حدودية، وحتى في مناطق داخل إيران، وتتشدد السلطات في التعامل مع من يتاجرون بالكحول ويوزّعونها بشكل خاص.
وبحسب المحامي في وزارة العدل كرار خسرو برست فإن المادة 702، من قانون العقوبات للجمهورية الإسلامية الإيرانية، واضحة في هذا الصدد، فمن يشرب الكحوليات أو يشتريها أو يصنعها أو يتاجر أو يحتفظ بها يحبس لفترة تتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة، وهناك حكم شرعي يوجب الجلد حتى 704 جلدات، ودفع غرامة مالية تُعادل خمسة أضعاف سعر ما شربه أو تاجر به الفرد، بحسب ما ذكر لـ”العربي الجديد”، لكن في كثير من الأحيان لا تشمل هذه العقوبات من يلجأون إلى مراكز العلاج أو من يتعرضون للتسمم ويذهبون إلى المشافي، إلا في حال تكرر الأمر وتورطوا بالاتجار أو التوزيع والصناعة، واعتبر اختصاصي علاج الإدمان قدير زاده أن لجنة مكافحة توزيع واستخدام الكحول التابعة لمؤسسة الشؤون الاجتماعية، التي تشرف عليها وزارة الداخلية معنية بمتابعة هذا الأمر، فضلاً عن جهاز الشرطة والطب الجنائي، مؤكداً ضرورة أن تلعب هيئة الإذاعة والتلفزيون دوراً في التوعية من هذه الأخطار المميتة، التي يتسبّب بها التجار والمصنّعون بالدرجة الأولى. وفق ما نقلته صحيفة العربي الجديد.