ملفات إنسانية

مجزرة حاس..شهور مضت وجروح لم تلتئم (شهادات)

هيومن فويس: سما مسعود

“سأكتب ما يجري حتى تعلم الأجيال القادمة أنه في مطلع القرن الواحد والعشرين كانت هناك مدارسٌ تُقصف وتتحول إلى قبور لتلامذتها على مرأى ومسمع من عالم يدعي التمدن كما يدعي حماية حقوق الانسان والتحضر”، بهذه العبارة أراد الطبيب “طراف الطراف” أن يصور للعالم أجمع حقيقة الواقع الذي يعيشه أطفال الشمال السوري المحرر.

الطبيب طراف الذي مازال يمارس مهنته في محافظة إدلب المحررة شمال سوريا، حيث شهد فيها مجزرة حاس القاسية في أواخر الشهر العاشر من العام السابق، قال في حديث خاص لـ “هيومن فويس“: “أكثر من 250 جريح غالبيتهم من الأطفال الذين أصيبوا بإعاقة دائمة هم ضحايا المجرزة، أمل المستقبل يستعد لأيامه القادمة بإعاقات دائمة فأي مستقبل ينتظرنا؟”

ويعبر الطبيب طراف عن المشاعر التي انتباته أثناء المجرزة بالقول: “لقد شعرت بالعجز المطلق ،لأول مرة منذ ست سنوات حرب يتغلب عندي الجانب الإنساني على كوني طبيب، لقد كنت على حافة الانهيار”.

وأضاف، “رغم تزاحم مشاهد الدماء والأشلاء في ذاكرتي يبقى مشهد الطفلة بيسان ذات الأحد عشر ربيعا عالقا في ذاكرتي.. احضروها إلى الإسعاف بحالة صدمة كاملة..تتدلى رقبتها على يد المسعف..وضعها على السرير أمامي..تحسست نبضها..كان خيطيّا وسريعا..حاولت إنقاذها لكني فشلت..فبعد دقائق قليلة توقف قلبها الصغير..ماتت بيسان..تركتها ورفعت بصري و إذا بأبيها.. قال لي ( لا تقولها؟!!)..قلت له (لقد ماتت)..احتضنها و ضمها إلى صدره و صار يبكي بكاءً مخنوقا….بيسان طفلته الوحيدة..أنجبها بعد سنوات من الزواج وبواسطة الإخصاب المساعد (طفل الأنبوب)”.

مجزرة حاس بريف إدلب، قرابة 40 ضحية، ومئات الجرحى غالبيتهم أطفال

قصص كثيرة عاشها الطبيب وعبارات مختوقة كان يريدها أن تساعده على توضيف حالته وإخراج مشاعره للعالم الأصم كما يقول “عالم قلق كاذب” العديد من الأطفال الناجين تعرضوا لصدمة نفسية كبيرة..يستيقظون من نومهم مذعوريين يصرخون.

قصة الطفلة رنا التي فقدت القدرة على المشي أثرت كثيراً في الطبيب طراف، حيث قالت له: “أنا ما عاد بدي روح عالمدرسة أبدا..ثم بكت و قالت الله يحرم أولادهم المدرسة متل ما حرمونا اياها” لكن اللحظة الفارقة والمؤثرة كانت عند استشهاد أخيه الطبيب يوسف وابن عمه المسعف أحمد كما قال الطبيب طراف.

وتابع حديثه “لقد رزقت زوجته طفلاً بعد استشهاده بأيام اسمته يوسف ليحمل اسم أبيه، أصبح لأخي يوسف خمسة أطفال وابناً يحمل اسمه” اختتم طراف حديثه قائلاُ “سأقول للعالم أجمع أن قلقكم لا يعنينا، وأنا أعي جيدا أن ما يجري لنا لا يهمكم أبدا..و لا يعنيكم ..ومع ذلك لن أسكت..و سأفضح إجرام نظام الأسد ومن وراءه روسيا ..و من وراءهما تخاذل و تمالئ الغرب و المجتمع الدولي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *