الثورة ليست “إرهابية” والأسد عراب الطائفية

هيومن فويس: عمر محمد
منذ بداية الثورة في سورية في عام 2011، كانت أبرز هتافات الشعب السوري “واحد واحد واحد الشعب السوري واحد”، وما أن توسعت دائرة التظاهرات المضادة للأسد في جميع أنحاء سورية تجوب الشوارع والأحياء صادحةً بهتافاتها المعروفة للجميع، حتى انتشرت الفرق الأمنية والمخابراتية لقمعها وإطلاق النار على المدنيين دون رادع أو تردد.
على مدى أكثر من 40 عاماً ومنذ تولي حافظ الأسد السلطة في سورية لم يستطع السوريين المطالبة بأقل حقوقهم المشروعة ليس هذا فقط إنما كان المواطن السوري يخاف من التعبير عن غضبه أو استيائه تجاه مؤسسات الدولة، ولا يسمح له بالانتقاد أو إبداء الرأي تجاه تصرف أحد أبناء الطائفة العلوية حتى ولو كان مخطئ، حتى بات السوري يخاف من جدران منزله تحسباً من أن يسمعه أحد إذا تفوه بكلمة تجاه سياسة هذا النظام، فكم من سجنٍ خصصه حافظ الأسد لأصحاب الرأي، فسجن “صيدنايا”، مثال يعرفه جميع السوريين.
لأكثر من أربعة عقود استمر “حزب البعث الاشتراكي” في اتباع سياسة القطب الواحد، واضع نفسه المدير والمسؤول عن المؤسسات الحكومية والتعليمية والطبية، حتى على عقول الأطفال في المدارس الابتدائية حتى بات كل شيء يسمى باسم البعث أو الأسد وكل هذه المؤسسات تحت سلطة الأسد وأقربائه من أل مخلوف وشاليش وحمشو في غطاء لسياسةٍ طائفية بحتة.
في اتصال لـ “هيومن فويس” مع “محمد”: معتقل رأي سابق قضى في سجن صيدنايا خمسة أعوام بسبب تفوه بكلمةٍ أمام رئيس شعبة حزب البعث عندما قرر استخراج بطاقة عضو عامل بالحزب ليحصل على وظيفة في إحدى مؤسسات الدولة بريف دمشق.
ويقول “محمد”: تخرجت من المعهد التقاني للهندسة، كنت أحلم بوظيفةٍ أستطيع بها أن أعين عائلتي وأن أؤسس لحياتي المستقبلية، تقدمت على مسابقة في إحدى الدوائر الحكومية ولكن كانت تنقصني بطاقة العضوية العاملة بحزب البعث كي أكون مؤهلاً لهذه الوظيفة كما كنت أسمع من أصدقائي أن الأعضاء العاملين يكون لهم الأولوية.
ثم ذهبت إلى مقر قيادة الحزب في بلدتنا لأسجل بالعضوية وعندها أكون أتممت كل المستندات التي تؤهلني لهذه الوظيفة، طرقت الباب على رئيس الشعبة لأسئلة عن استطاعتي الحصول على ما أريد، فكان جوابه فظاً غليظاً، أنت ليس مسجل أسمك في قوائمنا ولتحصل على العضوية العاملة عليك التسجيل اليوم لتكون نصيراً للحزب وبعد ثلاثة أعوام يمكنك الحصول على العضوية العاملة، من شدةِ غضبي وانزعاجي شتمت الحزب والوظيفة وخرجت من غرفتهِ مستعجلاً دون وداعه.
لم أكن أعلم أن هذه جريمة سأعاقب عليها، ماهي إلا ساعات حيث أتت سيارة فرع أمن الدولة إلى منزلي لاعتقالي، ليضيع من عمري خمسة أعوام في صيدنايا فيه تعرفت على الكثيرين من سجناء الرأي الذين اعتقلوا منذ عدة سنوات لمجرد أنها لم تعجبهم سياسة هذا النظام.
عمل حافظ الأسد في بدء حكمه على تغيير الخط الاقتصادي والسياسي لسورية، حيث اتجه نحو الاتحاد السوفييتي ومن بعد إنهاء الاتحاد السوفيتي أصبح تعاونه على الصعيد العسكري مع الحكومة الروسية، حيث جميع أسلحة الجيش السوري هي صناعة روسية، ووقع على السماح للقواعد الروسية بالقدوم إلى الموانئ السورية متى تريد.
بعد وفاة حافظ الأسد في عام 2000م تم تعديل الدستور ليكون مفصلاً على قياس ابنه “بشار” ليستلم منصب والده في زيف وتزوير لسبل الديمقراطية التي حرم منها الشعب السوري، لم يتغير أسلوب النظام مع المواطنين، بل بات أصعب من السابق حيث أصبح كل شيء واضح للعلن.
أصبحت شركات الهاتف المحمول باسم رامي مخلوف، وشركات المعادن والسيارات باسم عائلة حمشو، وسيطرت عائلة الأسد على النفط والتجارة الداخلية والخارجية، وشغلت الطائفة العلوية كبرى الرتب العسكرية والأمنية بالإضافة للمناصب الحكومية الرفيعة، فساد المؤسسات وسرقة خيرات سورية كانت اختصاص هذه الطائفة التي أصبحت تتحكم بكل شيء حتى بالحياة الخاصة للسوريين، وصار شعار الجيش السوري، الأسد أو نحرق البلد عوضاً أن يكون هذا الجيش هو لحماية أمن واستقرار سورية، لم يكن أمام السوريين إلا الخروج بمظاهرات طلبت بإسقاط هذا النظام وترك الحرية للشعب ليختار ويقرر مصيره.