مقالات

كل الجديد يبنى على القديم إلا في حكم الأسد

هيومن فويس: محمد بلال

لا وجود لأي جديد لم يبنى على قديم، فالفروع تنسب للأصول ولا فرع بدون اصل، ينطبق هذا على المادي والفكري، إلا حكم حافظ الأسد ووريثه بشار، فقد ألغى حافظ الأسد من ذاكرة السوريين على مدى ثلاثين عاما كل ما قبله من فكر أو سياسة أو عسكره، حتى أن هذا النسف طال الأعراف والتقاليد والموروث الاجتماعي للشعب السوري ليسهل عليه وعلى من بعده التسلط على هذا الشعب المسكين الذي كان بعضه  الأداة التنفيذية للضحك على باقي الشعب (باسم حزب البعث )، وحيث انك لو سألت المثقفين السوريين اليوم: من هو رئيس الدولة السورية قبل حافظ الأسد لوجدت أن الغالبية العظمى لا تحرر جوابا وكأن سوريا قبل حافظ لم تكن شيئا مذكورا فقد ألغيث حضارة هذا الشعب ومحيت عراقته وتاريخه.

لم يكن هذا الشعب نكرة لا حاضر له ولا ماض، ولكن الضرورة تقضي أن يمحوا حافظ الأسد كل ما كان قبله ليتمكن من السيطرة عليه وضبط حركة هذا المجتمع على إيفاع أهدافه التي رسمت له.

عندما اغتصب حافظ الأسد الحكم في سوريا بانقلابه المشهور باسم الحركة التصحيحية، هروبا من محاكمته لتسليمه الجولان السوري لإسرائيل في حرب عام 1967 “هزيمة الـ 67” كان الشعب السوري موجودا وكان له مدن وأرياف وكان له ثقافة يعتز بها، وحاضرا يرتكز على ماض عمره آلاف السنين، وتاريخا سطر بعرق ودماء هذا الشعب، وهو جزء من الشعب العربي والأمة الإسلامية،

لم يكن هذا الشعب نكرة لا حاضر له ولا ماض، ولكن الضرورة تقضي أن يمحوا حافظ الأسد كل ما كان قبله ليتمكن من السيطرة عليه وضبط حركة هذا المجتمع على إيفاع أهدافه التي رسمت له.

فكان اول ما كان انه ابتلع الهامش السياسي البسيط للحركات السياسية المجتمعية بما سماه عندها الجبهة الوطنية التقدمية، والتي أناط بها قيادة الدولة والمجتمع.

وهذا المسمى يقمع الفكر عموما والفكر الإسلامي خصوصا لان الإسلام والمسلمين يعتبران من مخلفات الرجعية وهذه الجبهة تقدمية، وتتناقض أصلا مع الفكر الرجعي، وهذا أكبر هضم لحق الشعب بالتعبير، وهذا أيضا فصل للساسة القادة عن الشعب الذي ينحدرون منه، وهو أيضا اول درس يفرض على الشعب، لتعلم الكذب وممارسته بإظهار ما يرضي السلطة ويخفي ما يرضي الشعب وموروثه، فبدأ الشعب يعيش حالة انفصام في شخصيته فيظهر ما ينكره في داخله ليكون تقدميا وليكون مقبولا في وظائف الدولة، وهذه أعتى الدواهي التي دهت مجتمعنا وكل ما عداها يرتكز عليها، لان اثرها كان سلبيا على الدين و السياسة والاجتماع  ووو……. ليومنا هذا..

ففي ستينيات القرن الماضي وسبعينياته كانت تقاليد المجتمع راسخة وأعرافه ثابته، وأنا لا أقول أن كل تلك الأعراف والتقاليد كانت صحيحة وإيجابية بالمطلق ويجب الحفاظ عليها، لا، ولكن كان هناك أشياء يجب الحفاظ عليها ولا يجوز تقزيمها وهجرانها ومنها، المختار.

كان المختار في المدن والقرى والأحياء شخصية محترمة يرضاه الجميع ويقتنعون بحكمته وحبه للجميع وغيرته عليهم والجميع واثق بوطنيته وفهمه للأمور العامة والخاصة وحتى السياسية، فهو محدثهم ومثقفهم، وحلال مشاكلهم وصلة الوصل بينهم وبين الدولة.

اقرأ أيضا: تركيا والحلم الفارسي

وكان كذلك الشيخ (خطيب المسجد وإمامه) وكذلك مدير المدرسة والأستاذ، والضابط أو العسكري الذي كان عنوان الوطنية والدفاع عن الوطن والمواطن، هذه مجموعة من ركائز المجتمع وأركانه، ولكن حكم حافظ الأسد قوض هذه الأركان وزعزعها فبدلا من كونها رواسي تثبت المجتمع وتنير دروبه أصبحت شخصيات مهزوزة تدعوا للسخرية في كثير من الأحيان.

فقد أصبح المختار شابا بعثيا بصرف النظر عن فهمه واحترام الناس له واحترامه لهم، وأصبح الشيخ مخبرا بعد ان كان منارة يهتدى بها، والمدير والأستاذ شخصيات بعثية علوية في الغالب مصلحية هزيلة لا يحظيان باحترام الأهالي لأنهم لا ينالون ثقتهم.

أما الضابط او العسكري فهنا كانت الطامة الكبرى حيث قلب حافظ الأسد المعادلة ليصبح ضباط الجيش علويون بنسبة 80 بالمئة و20 بالمئة لباقي المجتمع وهذا ما حول الجيش إلى جيش طائفي مرتزق يهتم بمصالحه ومكاسبه والدفاع عن ولي نعمته.

وبهذه الصورة هز حافظ الأسد المجتمع بتقويض أركانه وزعزعة تقاليده وأعرافه ليصبح مجتمع الحزب الواحد والرأي الواحد والقائد الواحد، وليصبح مجتمع التصفيق الهتاف، يحيى القائد …………..عاش القائد

فطس القائد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *