الفيلق الخامس.. وعلاقته بالتوازنات العسكرية على الأرض

هيومن فويس: المحلل السياسي (محمد بلال)
هنالك العديد من التساؤلات التي تستفسر عن الأسرار الكامنة وراء الإعلان عن تشكيل الفيلق الخامس- اقتحام، التابع للنظام السوري والمدعوم من قبل قاعدة حميميم العسكرية الروسية في الساحل السوري بهذا التوقيت.
تشكيل الفيلق الخامس- اقتحام، جاء نتيجة لهلهلة الوضع العسكري وقلة عناصر الأسد، وعقب حصار خانق على ريف دمشق، حيث استطاع النظام السوري فرض الهدن على المناطق الاستراتيجية التي يرغب بالسيطرة عليها في وقت لاحق.
وكان ريف دمشق على رأس قائمة اهتماماته، فكانت معارك الغوطة الشرقية، ومدن معضمية الشام وداريا، ووادي بردى، الهامة وقدسيا والزبداني ومضايا، وغيرهم من بلدات الريف الدمشقي، كـ “الحصار الخانق لمدينة معضمية الشام في غوطة دمشق الغربية أدى إلى قبولها بالهدنة التي عرضها النظام أواخر عام 2013، مما أخرجها ولو جزئيا خارج معادلة المعركة”.

وبعد فترة طويلة نسبيا استطاع النظام بدعم روسي من تدمير داريا تدميرا كاملاً، وعند عجز ثوارها عن البقاء فيها مدمرة مقطوعة عن كل ما عداها من المناطق الثائرة، فرض خروج ثوارها وتهجيرهم قسريا إلى إدلب.
ثم تلاها بثوار قدسيا والهامة اللتان عانتا من جور الحصار ومر القطيعة وخدلان القريب والبعيد فهجر ثوار تلك المناطق إلى إدلب أيضا.
فبقيت معضمية الشام وحيدة ومحاصرة من جهاتها الأربع فمارس الضغوط الأشد عليها من تجويع وقطع للماء والكهرباء وكافة المشتقات النفطية بغاية تركيعها أمام شروطه الجائرة مستغلا تغلغل عملائه بين أهالي المدينة وبثهم للإشاعات التي تخدم مصلحته والإيقاع بين الثوار وبعض المحسوبين على الثورة.
مما أدى إلى فرض التهجير القسري على ثوارها الذين رفضوا شروطه أو إجراء تسوية معه فأخليت المدينة من ثوارها وكان ذلك مكسبا كبيرا جدا لنظام الأسد لم يكن يعادله خسارة محافظة كاملة محررة.
ثم أتى دور تجمع خان الشيح والقرى القريبة منه كـ “زاكيه ودروشا والطيبة”، وبهذا يكون خط دمشق القنيطرة أصبح امننا، ثم التفت إلى منطقة مدينة التل وما حولها فهجرهم أيضا، بهذا اتسعت المساحة التي يسيطر عليها النظام في المناطق الاستراتيجية، وازدادت حاجته للعناصر لتدعيم بقايا جيشه المهلهل بغاية تثبيت هدوء تلك المناطق وتجهيز تشكيلات جديدة للهجوم على المناطق التي ما تزال تحتفظ بثوريتها.
ومن هنا كانت فكرة تشكيل الفيلق الخامس- اقتحام الذي بتشكيله تزداد شوكة النظام العسكرية، حيث يقلل من استهزاء الروس بقدرة عناصره على الثبات في الأراضي التي يحتلها بعد تدمير الطيران الروسي لها تدميرا كاملا، وكذلك تلبية لمطالبهم بزيادة كفاءة مقاتليه، الذين لم ينجحوا في تثبيت قواعده العسكرية بأي من المناطق التي دمرها الطيران الروسي.
ومن أهداف تشكيل “الفيلق الخامس- اقتحام”، تخفيف النظام من اعتماده على الإيرانيين ومن اتباع عناصره لميليشيا “حزب الله” اللبناني، بالإضافة إلى مساعيه في تأمين قوة عسكرية جديدة لنفسه، تحقق له أهدافه بصرف النظر عن الأهداف الروسية الإيرانية.
الكوادر التي تم تجنيدها من تلك قرى وبلدات في ريف دمشق، والتي سيطر عليها مؤخراً، سيعمل الأسد من خلالها إلى شق صف سنة تلك المناطق شقا نهائيا، إذ انه سيكون رفاق الأمس وأبناء القضية الواحدة موزعين على جبهتي القتال فيقتل الصديق صديقه ويقتل الأخ أخاه، وبهذا تكون الخسارة في كلا الحالتين من السنة وهذا يعتبر مكسبا للأسد ونظامه.
الفيلق الخامس سيحقق أكثر من غاية هامة للأسد، خاصة بأنه جاء في توقيت حرج جدا من عمر الثورة، وضخت له مادة إعلامية مكثفه تساهم في رفع الروح المعنوية لدى مقاتليه وتضعف إرادة القتال عند الثوار، مستغلاً الإرهاق النفسي الحاصل عقب تراجع المعارضة السورية في حلب.