سوريون بين الطبابة وتجارة الأرواح

هيومن فويس: سما مسعود
كشفت مصادر طبية لـ “هيومن فويس” عن تردي قطاع الصحة وسوء خدمات المراكز الطبية، ضمن المناطق المحاصرة من قبل النظام السوري، لا سيما غوطة دمشق الشرقية التي تشارف على الدخول بعام جديد من الحصار الممتد منذ أربعة أعوام.
وبحسب شهادات حصلت عليها “هيومن فويس” فإن التجارة ضمن السلك الطبي، بأرواح المحاصرين، في غوطة دمشق الشرقية قد انتشرت بشكل كبير، وخاصة خلال الآونة الأخيرة، حيث قال أحد أطباء ريف دمشق، فضل عدم الكشف في تصريح خاص “أن المساومة على أرواح الناس باتت من التجارات الرابحة هنا، بنسبة تصل أحياناً إلى ألف في المئة، وأصبح أطباء الغوطة يضاهون بمرتباتهم الأطباء السوريين المتواجدين حالياً في أوربا”.
وأضاف “استدعاء أي طبيب من مكان بعيد، للإشراف على الجرحى ولو أسبوعياً يتطلب مبلغاً مالياً ضخماً، وحتى لو كان الأمر إسعافياً ومستعجلاً فإن بعض الأطباء يطالب بتحديد الأجر قبل الموافقة على الذهاب للإسعاف”.
يبلغ عدد المراكز الطبية المتواجدة في الغوطة الشرقية وحدها نحو 40 مركزاً طبياً، يعاني نزلاء بعضها، من الجرحى والمصابون، من سوء العناية الطبية وانعدامها أحياناً، بسبب قلة الدعم والتمويل المخصص لمتابعة حالاتهم المرضية، وصولا إلى مرحلة الاستشفاء.
وفي هذا الخصوص أوضح الطبيب قائلاً: يعاني القطاع الطبي في الغوطة من حالة استنزاف، حيث هاجر العديد من الأطباء من المنطقة، بينما يعمل البعض المتبقي بشكل حر دون التزام كامل مع جهة طبية معينة الأمر الذي يفرض انعكاسات سلبية كبيرة.
وقال محمود العبد وهو أحد المحاصرين في الغوطة الشرقية لـ “هيومن فويس“: يعاني العديد من المصابين في الجبهات المشتعلة من إهمال طبي واضح في الوقت الذي يحتاجون فيه لمتابعة مستمرة وعناية طبية فائقة” وبحسب شهادة محمود فإن ثلاثة بالمئة فقط من الأطباء يتقاضون أجوراً معقولة، بينما يصل المرتب الشهري للبعض منهم، إلى ما يقارب الـ 7000 دولار أميركي، مؤكدا أنه لا يمكن للطبيب أن يلبي حاجة المرضى والجرحى، قبل الاتفاق على الأجرة التي سيتقاضاها، بحسب قوله.
من جهة ثانية، تعاني المناطق المحاصرة بريف دمشق من ارتفاع جنوني بأسعار الأدوية، يصل الى عشرة أضعاف عن سعرها في المناطق الداخلة ضمن سيطرة النظام السوري، ويعود السبب الرئيسي في ذلك، الحصار المفروض على الغوطة الشرقية منذ حوالي الأربع سنوات، وبعض التجار ممن يستغلون حاجة الناس واضطرارهم للأدوية من ناحية ثانية.
وبحسب المصدر “يبلغ سعر السيروم الملحي خارج الغوطة نحو 300 ل.س، بينما ندفع نحن ثمنه هنا قرابة 2500 ل.س أي ما يعادل 5$ وسط مجتمع محاصر عاطل عن العمل”.
على الطرف المقابل تماماً نجد قصصاً أكثر ترويعاً في المشافي التابعة لنظام الأسد، حيث تعرضت إحدى الشابات وتدعى “مريم صومي”، في مشفى الدراج في مدينة اللاذقية الخاضعة لسيطرة قوات بشار الأسد، لأذية دماغية بعد أن دخلت عملية جراحية بسيطة، بحسب ما قاله والد المريضة عبر تلفزيون النظام.
اقرأ أيضا: اسواق الحرب.. تجارة تنعش الغوطة الشرقية
ولم يتمكن ذوي الشابة من رفع دعوة قضائية على المشفى أو حتى على طبيب التخدير، المسؤول عن اهمال حالة المريضة، وعدم متابعتها خلال العملية الجراحية، بل على العكس فقد تلقى الأهل تهديدات في حال استمروا في نشر قضيتهم.
وكانت قنوات النظام السوري، قد تناولت حالة الشابة مريم في برنامج “لوكنت مسؤولاً” دون أن يتمكنوا من التوصل لنتيجة تدين المشفى أو الأطباء المشرفين على العملية؛ ما دفع الكثيرين من موالي الأسد بوصف ما جرى بالتشبيح الطبي وسط حالة الفوضى وانعدام الرقابة الطبية.