تحليلات

الخاسرون والرابحون من تسوية منبج

هيومن فويس

بعد يوم من توصل وزيري خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو وتركيا مولود جاويش أوغلو إلى تسوية بشأن مدينة منبج الواقعة في أقصى شمال سوريا، أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من واشنطن أمس الثلاثاء انسحاب من أسمتهم “مستشاريها” العسكريين من المدينة الواقعة غربي نهر الفرات، التي انتزعتها من تنظيم الدولة الإسلامية يوم 15 أغسطس/آب 2016.

ولم تُنشر تفاصيل اتفاق التسوية المعروف باسم “خريطة الطريق” رسميا، إلا أن مسؤولا في الخارجية الأميركية قال أمس إن الهدف منها هو “الإيفاء بالالتزام الأميركي بنقل وحدات حماية الشعب الكردية إلى شرق نهر الفرات”، وإن المسألة تتعلق “بإطار سياسي أوسع ينبغي التفاوض حول تفاصيله”، مشيرا إلى أن تطبيقه سيتم “على مراحل تبعاً للتطورات الميدانية”.

وذكرت وكالة الأناضول أن المرحلة الأولى تقضي بانسحاب القوات الكردية في موعد تحدده واشنطن. وفي مرحلة ثانية، بعد 45 يوماً من تاريخ 4 يونيو/حزيران الحالي ستجري عمليات تفقد عسكرية مشتركة بين الطرفين في المدينة، على أن تشكل لاحقاً إدارة محلية جديدة في المدينة التي تقيم فيها غالبية سكانية عربية.

صدام دولي
وكانت منبج قد تحولت إلى بؤرة صدام دولي بعدما استولت عليها وحدات حماية الشعب من يد تنظيم الدولة، في إطار توسعها من منطقة الجزيرة شرقي نهر الفرات إلى غربي النهر سعيا لإيجاد تواصل جغرافي مع منطقتي رأس العين (كوباني) وعفرين. غير أنها ما لبثت أن سحبت وحداتها منها يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 مع تقدم الجيش السوري الحر -المدعوم من أنقرة- باتجاهها في إطار عملية ” درع الفرات” بعد احتلاله مدينة الباب في ريف حلب الغربي، وتركتها بعهدة ما يعرف بمجلس منبج العسكري الذي تدعمه.

ومع تزايد فرص الصدام بين الأكراد المدعومين من واشنطن وأنقرة حليفتها في الناتو، بادرت الولايات المتحدة يوم 6 مارس/آذار 2017 بنشر وحدات عسكرية في محيط منبج يبلغ عددها حاليا نحو ألفي جندي في إطار ما أسماه ضابط أميركي وقتها “الطمأنينة والردع”.

كما نشرت روسيا بدورها قوات شرطة عسكرية في قرى تابعة لمنبج كان الأكراد قد أخلوها مع تقدم القوات التركية، لتشغلها وحدات تابعة للنظام السوري. وأتاحت المناورة الكردية -التي استفادت منها دمشق عسكريا وجغرافيا- ممرا بريا أعاد ربط المناطق الخاضعة لها في أقصى الشمال والمعزولة عنها منذ اندلاع الثورة عام 2012، بمحافظة حلب والمناطق الواقعة إلى الجنوب منها.

غموض إستراتيجي
ورغم غموض بنود التسوية الأميركية التركية واحتمال تعثرها عند البدء بتنفيذها حسبما يتوقع مراقبون، فإنها مثلت حلا وسطا أرضى الطرفين الأميركي والتركي في وقت واحد. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن المعارض التركي المقيم في واشنطن إيكان أردمير قوله في هذا الصدد إن “الغموض الإستراتيجي يتخذ صفة إنقاذية بالنسبة للطرف التركي”. وأضاف أن الاتفاقية “تتيح شراء الوقت إلى حين بلوغ الجولة الثانية من الانتخابات المقررة يوم 8 يوليو/تموز (المقبل) بحيث يمكن للحكومة التركية احتساب ما حصل نصرا لها”.

أما بالنسبة للطرف الأميركي -حسب الوكالة الأميركية ذاتها- فإن الصفقة تتيح للعسكريين الأميركيين المتواجدين في سوريا التفرغ لهزيمة فلول تنظيم الدولة، وهو ما يمثل أولوية بالنسبة للرئيس دونالد ترامب الباحث عن انسحاب سريع لقواته من هناك.

المصدر : وكالات,الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *