لاجئون

الجزر اليونانية جحيم المهجرين من فلسطينيي سورية

هيومن فويس: مجموعة العمل

يعيش المُهجرون الفلسطينيون من سورية في الجزر اليونانية حياة بؤس يخالطها يأس كبير، جراء ما يواجهون من معاناة على كافة المستويات الإنسانية والمعيشية والاجتماعية تترافق مع وضع قانوني معقد وخاصة بعد تاريخ 18 مارس/ آذار 2016، في ظل غياب لأي جهة تمثله وتتابع شؤونهم مع السلطات اليونانية.

 عدد فلسطيني سورية في اليونان بـ (400) لاجئاً

رغم غياب أي إحصائية رسمية لعدد اللاجئين الفلسطينيين من سورية في اليونان إلا أن عددهم يقدر بحوالي (400) لاجئ غالبيتهم في الجزر “لسبوس – متليني – خيوس – ليروس – كوس ” بينهم الأطفال والنساء وكبار في السن وبينهم عائلات وبعضهم ترك قسماً من عائلته على أمل أن يلم شملهم في إحدى دول اللجوء الأوروبية.

موزعين على مخيمات اللاجئين وبعضهم يسكن في خيم والآخر في صالات كبيرة، معظمهم من أبناء مخيمات اليرموك ودرعا والعائدين والحسينية في سورية.

وبعد الاتفاق الرسمي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، والذي وقع في بروكسل خلال شهر آذار الماضي والذي نصّ على إعادة جميع المهاجرين الجدد الذين يصلون إلى اليونان اعتباراً من 20 مارس/ آذار إلى تركيا.

إلا أن اللاجئين الفلسطينيين في سورية وبحسب تأكيدات يونانية حملتها نشرات مطبوعة في الجزر اليونانية “بأن الاتفاق لا يشمل الفلسطينيين السوريين لأنهم مصنفون دون وطن” الأمر الذي لم يتبق حتى الآن ولم يتم تنفيذ أي إجراء آخر مما جعل وضع اللاجئين غامضاً ومضطرباً، خصوصاً أن السلطات اليونانية أخذت تدرس وتصدر قرارات جميع اللاجئين من الجنسيات الأخرى.

وحول هذه النقطة يتحدث اللاجئ الفلسطيني السوري “إياد محمد” من سكان مخيم الحسينية في ريف دمشق، والمحتجز حالياً في إحدى الجزر اليونانية، ويؤكد لمراسل مجموعة العمل “أن رد المسؤولين اليونانيين اليومي للفلسطينيين السوريين حول وضعهم القانوني” بأننا نتواصل مع شركائنا الأوروبيين لإيجاد وطن بديل لكم”. ويضيف محمد “بعد أشهر قامت السلطات اليونانية في الجزر بإجراء مقابلات مع اللاجئين الفلسطينيين السوريين، منوهين إلى أن تركيا وافقت على تأمين حماية لهم،  وأكد اللاجئ محمد أنه تم رفض لجوء عدد من الشباب الفلسطينيين القادمين من سورية”.

 

ظروف غير إنسانية ومعاناة مستمرة

لا تنحصر معاناة اللاجئين الفلسطينيين في الجانب القانوني الغير وضاح، حيث نشرت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية في أوقات سابقة العديد من الأخبار والصور التي توثق معاناة اللاجئين الفلسطينيين السوريين في اليونان، خصوصاً فيما يتعلق بالوضع المعيشي والطبي.

ظروف غير إنسانية ومعاناة مستمرة للاجئين الفلسطنين في اليونان

وهو الأمر الذي أكدته تقارير صحفية متعددة، منها ما تناولته الصحفية الفلسطينية السورية “أمل فاعور” في وقت سابق، والتي أشارت إلى الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها السلطات اليونانية بحق اللاجئين الفلسطينيين السوريين والسوريين في جزيرة “كيوس” اليونانية، مشيرة إلى أن السلطات اليونانية عاملت اللاجئين في مراكز الإيواء معاملة غير إنسانية وصلت إلى حد الضرب والشتم والإهانة والإذلال.

وأكدت “فاعور” أنها وثقت العديد من الانتهاكات التي ارتكبت ضد اللاجئين عندما كانت في اليونان، منها اعتداء البوليس اليوناني في منتصف تموز الماضي على لاجئات فلسطينيات سوريات بالضرب واسقاطهم أرضاً وسط عويل وبكاء الأطفال والنساء، بعد محاولة مجموعة من النساء مخاطبة البوليس اليوناني للتعجيل بإجراءات اللجوء، وتذكر هول الحادثة، عندما تسقط النساء على الأرض ويعلو بكاء الأطفال، كما أشارت إلى انتشار ظاهرة التمييز العنصري، بحق اللاجئين والرشوة بين البوليس اليوناني، والذي يصل حد تشبيه اللاجئ بأبشع الصفات.

أما في الجانب الطبي فقد أكد عدد من اللاجئين الفلسطينيين السوريين في الجزر اليونانية لمجموعة العمل أنهم يعانوا إهمالاً طبياً كبيراً، والسلطات اليونانية تعالج اللاجئين الفلسطينيين السوريين بعد وقت وجهد كبير في مشافيها العامة، والتي تعاني من خدمات سيئة وتشخيص مغلوط غالباً، إضافة إلى عنصرية بعض الأطباء الذين باتوا يتعاملون معهم بشكل غير إنساني.

كما يعاني اللاجئون من أوضاع معيشية غاية في القسوة، وعدم توافر شروط النظافة والخدمات الأساسية في أماكن تواجدهم، حيث إن معظم المساكن هي مساكن مؤقتة أو خيام، في ظل انتشار كبير للحشرات والزواحف السامة كالعقارب والأفاعي، وهي أشبه بمعتقلات.

مخاوف من تنامي العنصرية ضدهم

أكد العديد من اللاجئين الفلسطينيين السوريين في اليونان لمجموعة العمل أنهم يعيشون حالة خوف وقلق مستمر من حملات تقودها عناصر متطرفة يمينية معارضة لوجود اللاجئين، حيث رصد في نهاية شهر نوفمبر الماضي إضران بعض العنصريين النار في مخيم “سودا” للاجئين في جزيرة خيوس بعد أن ألقوا زجاجات حارقة على الخيم، ما أجبر نحو (150) شخصاً بينهم عدد من الفلسطينيين السوريين على الفرار، واتهمت الشرطة اليونانية حينها مهاجرين استخدموا ألعاباً نارية.

مخاوف من تنامي العنصرية ضد اللاجئ الفلسطيني

كما تشير العديد من الرسائل التي وصلت لمجموعة العمل من الجزر اليونانية إلى تعرض اللاجئين الفلسطينيين من سورية للإهانة وللضرب بالأسلحة البيضاء على يد فئات مهاجرة أكثر عدداً.

وعن هذا التفصيل يؤكد اللاجئ الفلسطيني حازم من أبناء مخيم اليرموك لمراسل مجموعة العمل “أنه في مرات عديدة قد تعرض هو ولاجئين آخرين للاعتداء من قبل من قبل العشرات من المهاجرين من جنسيات أخرى على مرأى ومسمع من الشرطة اليونانية، مما أدى إلى إصابات خطيرة ومتوسطة وكسور بين عدد من الشباب الفلسطينيين السوريين”.

ويضيف “بتنا نخاف على أرواحنا بعدما تحول الخلاف إلى عنصري، في وقت تعرضت فيه أماكن سكنهم للهجوم من قبل المهاجرين الآخرين وتكسير وسرقة محتوياتها، دون تدخل من الشرطة اليونانية”.

تقاعس رسمي فلسطيني لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين في اليونان

“السفارة تواصلت معنا مرة واحدة فقط، ولم تقدم لنا أي مساعدات” بهذه العبارات عبّر اللاجئ حازم لمراسل مجموعة العمل عندما تحدثا عن ضعف المتابعة الرسمية لمعاناة فلسطينيي سورية في اليونان.

حيث قال: “إن السفارة تواصلت معنا مرة واحدة وأبدوا مساعدتهم مع وعد أطلقه موظفو السفارة بزيارة مرتقبة للسفير الفلسطيني لكن للآن لم يحضر أي موظف أو سفير”، مؤكدين “أنهم لم يتلقوا أية مساعدة ولو اتصال هاتفي يطمئن على أحوالهم”.

مناشدات متكررة ومتجددة

اللاجئ “إياد محمد” الذي خرج من مخيم الحسينية بعد تهجيرهم عنه يوم 17 تشرين الأول- أكتوبر  2013، وبعد منع عودة اللاجئين الفلسطينيين لمنازلهم في المخيم وهرباً من الاعتقال والتجنيد الإجباري لجيش التحرير الفلسطيني، خرج سورية عابراً الحدود السورية التركية على الرغم من التشديد الكبير على الحدود، وبعد اتفاقه مع تجار التهريب وصل محمد إلى جزيرة كيوس اليونانية بمبلغ (1000) دولار أمريكي.

يقول إياد “أن الوضع في المخيم من سيء لأسوأ، بالأمس هوجمنا من بعض المهاجرين واليوم ننام خارج المخيم خوفاً على حياتنا بعد تهديدات بقتلنا”.

من جهته طالب اللاجئ “حازم” من أبناء مخيم اليرموك بإخراجه ومئات اللاجئين الفلسطينيين السوريين المحتجزين في اليونان والسماح لهم بمتابعة طريقهم إلى إحدى الدول اللجوء الأوروبي الأخرى.

مناشداً في الوقت ذاته المؤسسات الحقوقية بضرورة التحرك لإيقاف تجاوزات الشرطة اليونانية، فيما يتساءل “عن مدى فاعلية السلطة الفلسطينية وسفاراتها في خدمة اللاجئين الفلسطينيين، مستهجناً حالة التهميش والتغافل عن معاناتنا وعدم السعي لحل ولو جزء من مشاكلنا اليومية!!”

رابط المصدر تجده هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *