سياسة

درعا..عدّ عكسي لإعادة افتتاح “نصيب”

هيومن فويس: العربي الجديد

تعيش المنطقة الجنوبية في سورية، ومحافظة درعا على وجه التحديد، حالة من “عدم التوازن” نتيجة توقف المعارك بين قوات المعارضة والنظام، مع عدم بروز نتائج إيجابية لحالة الهدوء هذه، على الرغم من التوقف النسبي لعمليات القصف.

فما زال المهجرون خارج ديارهم، كما أن الآلاف من أبناء المحافظة يرزحون في سجون النظام الذي يركز جهده على فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن ليستفيد سياسياً واقتصادياً، متجاهلاً مطالب الأهالي عبر المماطلة والتسويف، ومحاولاً توسيع سيطرته بكل وسائل الترغيب والترهيب.

وفي إطار سياسة التمدد التدريجي وبالتوافق كما يبدو مع الأردن، بسطت قوات النظام سيطرتها على مزيد من النقاط الحدودية مع الأردن، إذ سيطرت على تسعة مخافر حدودية ابتداءً من النقطة 177 إلى النقطة 185، إضافة إلى تل أم أذن شمال شرق سد الزلف في ريف دمشق الجنوبي الشرقي، وذلك بعد اشتباكات خفيفة مع فصائل المعارضة في المنطقة. وكانت قوات النظام سيطرت، مطلع الشهر الماضي، على النقاط 173 و174 و175 و176 على الحدود الأردنية.

وقالت مصادر المعارضة السورية إن التراجع على الحدود مع الأردن سببه انسحاب “جيش أحرار العشائر” المدعوم من الأردن من المنطقة بشكل مفاجئ. وتُعدّ هذه المناطق آخر نفوذ للمعارضة السورية جنوب شرق السويداء.

يأتي ذلك في وقت، تتعثر فيه المفاوضات غير المباشرة بين النظام والمعارضة بشأن إعادة فتح معبر نصيب الحدودي والتي ترعاها الحكومة الأردنية، إذ يسعى كل طرف إلى إدارة المعبر لوحده من دون مشاركة الطرف الآخر، وسط تسريبات عن ضغوط مختلفة من الحكومة الأردنية على فصائل الجنوب لـ”تطبيع” العلاقة مع النظام وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 2011.

وحسب هذه التسريبات التي تتناقلها أوساط المعارضة في المحافظة، فإن فصائل الجيش الحر العاملة في درعا رفضت طلباً من الحكومة الأردنية بأن تتحوّل للقيام بمهام مدنية في المنطقة على شكل شرطة مجتمعية وقوة تنفيذية ودفاع مدني، وليس فصائل عسكرية مزودة بأسلحة ثقيلة. وقالت مصادر محلية، إن الفصائل رفضت الطلب الأردني، واعتبرته تقليماً لأظافر الجيش الحر، وتسليماً مجانياً لمناطق المعارضة إلى نظام بشار الأسد.

وبعد ما تواتر عن فشل الاجتماع الأول الذي عُقد في عمان بشأن معبر نصيب ومن المنتظر عقد اجتماع ثانٍ قريباً، ذكرت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام السوري أن الأخير أبلغ الوسيط الأردني رفضه الشروط التي وضعتها فصائل المعارضة بشأن المعبر، متمسكاً بإدارة المعبر منفرداً ورفع علمه عليه، وفي حال الرفض ستفرض قواته سيطرتها على المعبر بالقوة العسكرية.

وتقول بعض أوساط المعارضة السورية إن الأردن أمهل الفصائل في درعا عشرة أيام لتسليم معبر نصيب الحدودي إلى قوات النظام، وإلا سيقوم بالتنسيق مع النظام بفتح معبر آخر مع الأردن من الحدود الإدارية لمحافظة السويداء الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. ورأى عضو القيادة العسكرية في المنطقة الجنوبية، أيمن العاسمي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن المعبر سيفتح في نهاية المطاف، لكن يتم الآن بلورة المطالب والشروط الخاصة بكل طرف.
واعتبر أن المستفيد الأول من فتح المعبر هو النظام من الناحيتين السيادية والاقتصادية، أما المستفيد الثاني فهو لبنان الذي توقفت تجارته مع الأردن والخليج العربي منذ إغلاق المعبر، والمستفيد الثالث هو الأردن والرابع والأخير محافظة درعا والفصائل الممسكة بالمعبر على وجه التحديد. أما أبناء المحافظة، فسوف تكون استفادتهم أقل، أو هي غير مباشرة، إذ قد يحصلون على مزيد من الهدوء خاصة في القرى والمناطق التي تسلكها الحافلات في طريقها للمعبر بسبب حرص النظام المفترض على عدم تعطيل الحركة على هذا الطريق.

وبالنسبة لموقف الأردن، قال العاسمي إنه يمارس ضغوطاً على الفصائل والفاعليات المدنية في درعا للموافقة على فتح المعبر، لافتاً إلى رفض عمّان فتح المعبر بعد سيطرة الفصائل عليه قبل نحو عامين ونصف العام. وأشار إلى أنه فضلاً عن مصالحه الاقتصادية، يركز الأردن على الجانب الأمني، ليكون هناك هدوء في المعبر والمناطق المجاورة له مع محاولة إزالة أسباب الاحتقان لدى أبناء المناطق القريبة من المعبر من أجل ضمان سير العمل فيه بأريحية ودون حدوث اضطرابات أو محاولات لاعتراض القوافل التجارية. واستبعد العاسمي أن تقبل الفصائل بتسليم المعبر للنظام من دون مقابل، لأنها لا تسيطر على المعبر فقط، بل أيضا على الطريق الواصل بين المعبر وحتى خربة غزالة لمسافة تزيد عن 15 كيلومتراً، ومرور القوافل التجارية والمسافرين على هذه الطريق يحتاج إلى موافقة تلك الفصائل.

وتتفاعل قضية المعبر على نطاق واسع في المحافظة، خصوصاً في القرى والبلدات الحدودية مع الأردن القريبة من المعبر أو تلك التي يمر منها الطريق الدولي بين دمشق وعمان، إذ يعتقد الاهالي أنها باتت ورقة الضغط الوحيدة بيد المعارضة للمساعدة على تحقيق مطالبهم في العودة إلى ديارهم والإفراج عن أبنائهم المعتقلين في سجون النظام، بعد أن أخفقت الفصائل العسكرية والمجتمع الدولي وكل الاتفاقيات الموقّعة مع النظام في إطلاق سراح سجين واحد أو تأمين عودة آمنة للمهجرين في الأردن أو في القرى الداخلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *