ميديا

صيادو الأفاعي في مصر..رزق من بطن الجحور

هيومن فويس: وكالات

بحياة ذات طبيعة مغامرة، يخترق صيادو الأفاعي بمصر حاجز الخطر بحثا عن لقمة عيش يواجهون في طريق الحصول عليها أهوالاً قد تقودهم إلى الموت.

ووفق عاملين بمهنة صيد الأفاعي، في أحاديث منفصلة مع الأناضول، فإن الغالبية من ممتهنيها ينقسمون إلى نوعين؛ الأول صائدون محترفون تلقوا تدريبات على مشقة المهنة، والثاني صائدون يتبعون إحدى الطرق الصوفية المسماة بـ”الرفاعية” التي يعتقد أصحابها أنهم محصنون من لدغ الأفاعي.

ويتراوح أجر الصائد بين 500 جنيه و1000 جنيه (أي بين 27 دولارًا و55 دولارًا أمريكيًا) للثعبان الواحد الذي ينتمي لسلالة غير سامة، بينما يصل أجر صائد الثعبان الذي ينتمي لسلالة سامة إلى 4000 جنيه (حوالي 220 دولارًا)، وفق ممدوح السيد، صائد أفاع، للأناضول.

وتجد الأفاعي الحية التي تنتمي إلى سلالات نادرة رواجا في البيع عبر الأسواق المتخصصة، وشركات صناعة المصل واللقاح، والجامعات بغرض إجراء الأبحاث الدراسية، وحديقة الحيوان، وفق المصادر ذاتها.

ويستثني القانون المصري صيد الأفاعي من التجريم، غير أنه يحظر صيد أنواع أخرى من فصيلة الزواحف مثل السلاحف والتماسيح.

السر في “الكفكفية”

ويقول إسلام محمد رفاعي، وهو متخصص في صيد الأفاعي منتم للطريقة الصوفية الرفاعية، إن اتباع هذه الطريقة الصوفية لديهم قَسم يسمى “الكفكفية” إيمانا منهم بقدرته في القضاء على الأفاعي والحيات، معتبرا إياه “كلمة السر للعاملين بمهنة صيد الأفاعي”.

وفي حديث مع الأناضول، يوضح الرفاعي الذي يعمل في ضواحي محافظة الجيزة، غربي العاصمة، أن “الكفكفية” ينص على “قسمت عليك أيها الثعبان أو الحية بهذه الكافات، وما فيها من الكفايات، وأسرارها التامة فلا تؤذني بأنفاسك السامة، وأن تأتي أمامي خاضعًا خاشعًا وإلا كنت من العاصين لله رب العالمين”.

ورغم اقتناع بعض صيادي الأفاعي برواية “الكفكفية”، وما يُنسب لها من قدرة على تحصين قائلها من لدغات الأفاعي، لكنها لا تلقى ترحيبًا لدى آخرين، معتبرين إياها “خرافة وأكذوبة” لكسب المال من المواطنين.

وحسب شيخ الطريقة الصوفية الرفاعية، طارق الرفاعي، فإن “كرامة” التحصين من لدغ الأفاعي لم تمنح سوى للشيخ الرفاعي الكبير وحده، وهو الفقيه الصوفي الشافعي الأشعري (512 – 578 هجرية).

ويقول الرفاعي، للأناضول، إن جميع الذين يدعون انتماءهم للطريقة الرفاعية وتحصينهم من لدغ الأفاعي “محتالون” يستخدمون السحر والدجل للنصب على المواطنين.

واشتهر بعض أتباع الطريقة الصوفية الرفاعية بـ”اللهو مع الأفاعي” في الموالد الشعبية بمصر.

رزق الجحور

وصيد الأفاعي ليس مجرد لهو وإنما فيه رزق للبعض.

وحول ذلك، يلفت سعيد الحاوي، صائد أفاع، إلى أن شركات المصل واللقاح تتعامل مع بعض صائدي الأفاعي لاستخلاص سمومها التي تستخدم في صناعة بعض العقاقير الطبية.

ويضيف “الحاوي” أنه “فور استلام الطلبية من الشركات يخرج صائدو الأفاعي في مجموعات، قوام الواحدة أربعة أفراد بينهم صبي، ويجهزون الطعام والشراب وكشافات إنارة وسيوخ حديد مثنية من الأمام، وينطلقون بسياراتهم إلى الصحراء لتبدأ رحلة البحث عن الأفاعي في الجحور”.

ويتابع: “يسير صائدو الأفاعي على أقدامهم وسط الصحراء لاقتفاء أثر الحيات؛ حيث يُظهر أثرها على الرمال حجمها ونوعها وعمرها، وبالتالي طبيعة التعامل معها”.

ويستكمل “الحاوي”: “نقوم بتوسعة الجحور والخنادق ليدخل إليها أحد الرجال بجسده من الأمام، وعندما يمسك بالأفعى يحرك قدميه سريعًا ليقوم أحد زملائه بسحبه من الخارج وهو قابض على الثعبان، ليضعه في كيس مصنوع من القماش.

وعن المخاطر التي يواجهها صائدو الأفاعي أثناء رحلة البحث عنها، يقول الحاوي إن “احتمال لدغ الصائد داخل الخندق كبير جدًا”، مؤكدًا أن الأفاعي صغيرة الحجم غالبا ما تتمكن من خرق أكياس القماش ولدغ الصائد خلال عملية نقلها.

مواسم وأنواع

وتنتشر الأفاعي بكثافة خلال الفترة من مارس/ آذار وحتى أغسطس/ آب من كل عام، ثم تعود لتختفي باقي العام، وتخرج قليلًا بحثًا عن الطعام، وفق ممدوح السيد، صائد الأفاعي.

ويقول “السيد”، للأناضول، إن هناك أنواعًا عديدة للأفاعي منتشرة في مصر، أبرزها “المقرنة” و”القرعاء” و”الرقطاء” و”القزمة” وغيرها، وأخطرها “الكاسبة” و”الكوبرا المصرية”.

كما يعد ثعبان “البراجيل” هو الأشد شراسة ويصنف في المرتبة الأولى كأخطر الثعابين، ويهاجر من محافظة جنوب سيناء (شمال شرقي مصر) إلى المحافظات الأخرى، وفق المصدر ذاته.

ويحمل عالم صيد الأفاعي بمصر، قصصا وروايات قليلها طرائفي وكثيرها مأساوي، لكنها لا تزال تغلف أهدابها نزعة أسطورية لا تخطئها آذان السامعين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *