وثيقة مسرّبة: لم يجرؤ أي رئيس عربي على الاتصال بعرفات في أشهره الأخيرة- لماذا؟

حصلت وكالة الصحافة الفلسطينية (صفا) على نسخ من محاضر التحقيق مع شخصيات رفيعة في السلطة الفلسطينية في ملف اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وتكشف الوثائق التي تنشرها وكالة “صفا” على حلقات، تفاصيل ما تحدثت به قيادات من السلطة وحركة فتح للجنة التحقيق، التي تم تشكيلها برئاسة اللواء توفيق الطيراوي في أكتوبر/ تشرين الأول 2010.
وأصدر الطيراوي في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني بيانًا أكد فيه أن وثائق تحقيق تتعلق بوفاة عرفات “تمت قرصنتها وتسريبها”. وشدد على أن تلك الوثائق “سرّية لضمان سلامة سير التحقيق، إلى حين الوصول إلى الحقيقة الكاملة” المتعلقة بأسباب وفاة عرفات.
وتوفي ياسر عرفات في مشفى باريس العسكري في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2004 بعد فترة من الحصار الإسرائيلي له في مقر المقاطعة في رام الله وسط الضفة الغربية، فيما تم تشكيل لجنة التحقيق بعد مرور ست سنوات على اغتياله.
وكانت قناة “الجزيرة” قد كشفت في تحقيق استقصائي لها عن إمكانية وفاة عرفات بمادة البولونيوم المشعة.
وتكشف الوثيقة الجديدة شهادة مستشار الرئيس عرفات، الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، التي أدلى بها أمام لجنة التحقيق في الثامن والعشرين من تموز/ يوليو 2012، حيث تحدث عن رفع الغطاء الدولي عن الرئيس عرفات، بدلالة أنه لم يجرؤ أي رئيس عربي خلال الأشهر الأخيرة على الاتصال به.
ويقول أبو ردينة إن آخر زعيم عربي اتصل بعرفات قبل وفاته بأربعة أشهر كان الرئيس المصري (الأسبق) حسني مبارك، وأبلغه بالحرف الواحد أن “الاتصال قد يكون مسجلًا… وأنصحك أن تسلّم السلطة وأنا أعرف عن ماذا أتكلّم”.
وحسب أبو ردينة، فإن أي رئيس عربي لم يجرؤ بعد ذلك على التواصل مع عرفات، وتخلوا عنه بالكامل.
ويشير إلى طلب الرئيس أبو عمار من بعض الرؤساء العرب تزويد السلطة بالمال لدفع الرواتب “وكانت ردودهم مخجلة”.
وفي السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول للرئيس عرفات: “نرجو ألا تكون هذه الزيارة الأخيرة لك. لا بد من اتخاذ إجراءات”، وفق إفادة أبو ردينة.
“لكن أبو عمار كرجل تاريخي لم يكن عنده أي استعداد منذ كامب ديفيد للاستسلام أو التنازل عن ثوابته الفلسطينية أو القدس، لذلك رفض الانتقال الى غزة لأنه يعلم أنه في حال ترك رام الله فستضيع الضفة الغربية والقدس”، حسب الناطق باسم الرئاسة.
وكشف أبو ردينة عن طلبات سياسية وأمنية لوزير الخارجية الأمريكي من عرفات تؤدي إلى وقف انتفاضة الأقصى وتسليم كل المطاردين، ثم اتخاذ إجراءات عسكرية وأمنية تجعل عرفات مسيطرًا على كل ما بين يديه.
وشدد على أن “عرفات لم يتنازل ولم يوقف الانتفاضة ولم يقدم أي تنازل، لذلك كانت هناك مؤامرة إسرائيلية أمريكية بأن عرفات يجب أن ينتهي عهده”.
ويسرد مستشار الرئيس تفاصيل وقعت قبل ثلاثة أشهر من اغتيال عرفات، عندما زاره صحافي إسرائيلي مقرب منه يدعى آمنون كابليوك، وقال له: “في إسرائيل يبحثون هل من المصلحة قتل عرفات أم لا، فجميعهم قالوا نعم… لكن أحدهم قال على ألا نترك أية بصمات”.
ويرجح أبو ردينة أنه تم تسميم الرئيس من خلال شخص يقدم له مشروب قهوة أو شاي بشكل منفرد، مستبعدا أن يكون تم تسميمه عبر الطعام أو مواد مشعة، لأنه اعتاد أن يأكل مع آخرين، ولو جرى ذلك لظهرت أعراض على آخرين.
وشدد على أن الطعام خلال حصار الرئيس كان يأتي في سيارة، وأن الإسرائيليين كانوا يطلبون من السائق مغادرتها لمكان بعيد لحين تفتيشها.
وعتب أبو ردينة على الرئيس أنه “كان غير حريص وكانت ثقته بالناس عالية، ويقبل عطايا الناس وهداياهم جميعا”. وأشار إلى أن “هناك مئات وربما آلافا أحضروا هدايا من حلويات وأدوية لمعالجة آثار الرشح والإنفلونزا، ولوحات معدنية تذكارية”.
وحين سؤاله عن معرفته بقضية أحد طباخي الرئيس الذي جنده الاحتلال، قال: “سمعت عن اعتقال بعض الطباخين ولم يطلق سراحهم، وأحيانا يتم اعتقالهم ويعودون لعملهم”.
وكان أحد الأسئلة الموجهة من لجنة التحقيق لأبو ردينة: “هل تعلم أن هناك خزان مياه خاصا بأبو عمار يتوضأ ويشرب منه لوحده؟ وتم اكتشاف ذلك بعدما أصيب بحكة في جسده؟ وأن الخزان منفصل؟ ولمن تحمل مسؤولية عدم المعرفة وعدم الرقابة الأمنية أو الصحية على هذا الموضوع؟”.
وفي رده قال: “هناك شخص مسؤول اسمه يوسف العبد الله، ومجموعة أخرى كمدير مكتب الرئيس من المفترض أن يجيبوا عن هذه الأسئلة، ولماذا تم تغيير الخزان، ومن الذي أتى به؟ ومن الذي غطى التكلفة المالية؟”. واعتقد أبو ردينة أن “هذه مؤشرات خطيرة ومهمة جدا ممكن أن تؤدي لخيوط كثيرة”.
المصدر: القدس العربي